اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 469
والمراقبة
بذلك ترتبط بالإيمان، فبقدر الحضور مع الله، وبقدر استشعار ما ورد في معيته مع
عباده، بقدر ما تكون المراقبة أتم.
ولذلك
كان لكثرة ذكر الله مع حضور القلب دوره الكبير في تحويل المراقبة لله تعالى إلى
ملكة في نفس صاحبها لا يستطيع أن يتجاوزها، وذلك ما يردعه عن نزغات نفسه الأمارة،
كما يروى أنه قيل لبعضهم: متى يهشّ الرّاعي غنمه بعصاه عن مراتع الهلكة؟ فقال: (إذا
علم أنّ عليه رقيبا)
وقد
قال الشّاعر معبرا عن ذلك:
إذا
ما خلوت الدّهر يوما فلا تقل... خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا
تحسبنّ الله يغفل ساعة... ولا أنّ ما تخفيه عنه يغيب
ألم
تر أنّ اليوم أسرع ذاهب... وأنّ غدا للنّاظرين قريب
ولهذا
نجد القرآن الكريم يعمق معاني المراقبة بذكره لحضور الله تعالى الدائم مع خلقه، بحيث لا يغيب
عنهم أبدا، وكونه يراهم ويسمعهم ويعلم كل تصرفاتهم، قال تعالى: ﴿مَا
يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ
هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ
أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ
الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (المجادلة،7)