اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 468
المراقبه المشدده
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن المراقبة التي يذكرها علماء التزكية،
وحقيقتها، ودوافعها، ومراتبها، وكيفية التحقق بها، وهل نصت عليها النصوص المقدسة،
أم أنها اجتهاد مبني على التجربة؟
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الأصل الشرعي في المراقبة هو ما ورد في الحديث عن
رسول الله a، والذي ورد بصيغ مختلفة، أو في مواضع مختلفة، منها ما قاله a لبعض
أصحابه عندما طلب منه الوصية، فقال له a: (اعبد الله كأنّك تراه، واعدد
نفسك من الموتى)([994])
بل
اعتبر a مراقبة الله درجة من درجات الإحسان، ففي الحديث عندما سأله جبريل u عن
الإحسان، قال: (أن تعبد الله كأنّك تراه فإنّك إن لا تراه فإنّه يراك)([995])
وهو
يعني (دوام علم العبد وتيقّنه باطّلاع الحقّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه)([996])،
أو (دوام علم القلب بعلم الله عزّ وجلّ في السّكون والحركة علما لازما مقترنا
بصفاء اليقين)([997])
وهو
يدل على أن المراقب لا يتصرف بحسب ما تملي عليه نفسه، وإنما بحسب ما يملي عليه
الرقيب الذي يعلم علم اليقين أنه يلاحظه، ويراقب تصرفاته، ولا تغيب عنه منها شاردة
ولا واردة، بل إنه يعلم السر وأخفى.
[994] قال المنذري في الترغيب والترهيب(3/
532): رواه ابن أبي الدنيا بإسناد جيد.