responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 466

وأما المحترف (الذي يحتاج إلى الكسب لعياله فليس له أن يضيع العيال ويستغرق الأوقات في العبادات، بل ورده في وقت الصناعة حضور السوق، والاشتغال بالكسب، ولكن ينبغي أن لا ينسى ذكر الله تعالى في صناعته، بل يواظب على التسبيحات والاذكار وقراءة القرءان، فان ذلك يمكن أن يجمع إلى العمل، وانما لا يتيسر مع العمل الصلاة الا أن يكون ناظورا فإنه لا يعجز عن إقامة أوراد الصلاة معه، ثم مهما فرغ من كفايته ينبغي أن يعود إلى ترتيب الأوراد، وإن دوام على الكسب وتصدق بما فضل عن حاجته فهو أفضل من سائر الأوراد، لأن العبادات المتعدية فائدتها أنفع من اللازمة، والصدقة والكسب على هذه النية عبادة له في نفسه تقربه إلى الله تعالى، ثم يحصل به فائدة للغير وتنجذب إليه بركات دعوات المسلمين ويتضاعف به الأجر) ([990])

وأما المسؤول (مثل الامام والقاضي والمتولي لينظر في أمور المسلمين، فقيامه بحاجات المسلمين وأغراضهم على وفق الشرع وقصد الإخلاص أفضل من الأوراد المذكورة، فحقه أن يشتغل بحقوق الناس نهارا ويقتصر على المكتوبة، ويقيم الأوراد المذكورة بالليل، كما كان بعضهم يفعله، إذ قال: مالى وللنوم، فلو نمت بالنهار ضيعت المسلمين، ولو نمت بالليل ضيعت نفسي، ذلك أنه يقدم على العبادات البدنية أمران، أحدهما العلم، والآخر الرفق بالمسلمين، لأن كل واحد من العلم وفعل المعروف عمل في نفسه، وعبادة تفضل سائر العبادات، يتعدى فائدته وانتشار جدواه، فكانا مقدمين عليه)([991])

واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن كل ما ذكره الحكماء مرتبط بالسالكين الذين لم يبلغ بهم سلوكهم درجة النفس المطمئنة، أما من بلغت نفسه لتلك الدرجة، ووصل إلى حد


[990] إحياء علوم الدين، 4/36.

[991] إحياء علوم الدين، 4/37.

اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 466
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست