اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 464
ولو لم يتعلمها لكان سعيه ضائعا)
إذا
علمت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاحذر أن تحتقر وظائف العالم مقارنة بالعابد؛
فالعبادة التي لا يصحبها العلم قد تصبح مسخرة للشيطان، وقد روي عن الإمام الصادق
أنه قال: (أتى عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسأل عن عبادته؟ وأنا
أعبدالله منذ كذا وكذا فقال: كيف بكاؤك؟ قال: أبكي حتى تجري دموعي، فقال له
العالم: فإن ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل، وإن المدل لا يصعد من عمله
شئ)([986])
ومما
يروى في أخبار بني إسرائيل أن أن (رجلا منهم يقال له: خليع بني إسرائيل لكثرة
فساده، مر برجل يقال له: عابد بني إسرائيل، وكانت على رأس العابد غمامة تظله لمامر
الخليع به فقال الخليع في نفسه: أنا خليع بني إسرائيل كيف أجلس بجنبه، وقال
العابد: هو خليع بني إسرائيل كيف يجلس إلي، فأنف منه وقال له: قم عني فأوحى الله
إلى نبي ذلك الزمان: مرهما فليستأنفا العمل، فقدغفرت للخليع وأحبطت عمل العابد) ([987])
ولهذا
قال رسول الله a في وصيته للإمام علي: (يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد
الجاهل.. يا علي ركعتان يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد) ([988])
لكن
ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ لا يعني كل علم، ولا كل العلماء، وإنما يعني أولئك
العلماء الصادقين المخلصين الذين لم تجتذبهم الأهواء، ولا ثقل الدنيا، وأما غيرهم،
فأنت تعلم ما ورد في حقهم في النصوص المقدسة، ولذلك على من يريد من هؤلاء التزكية
أن يبدأ بتلك الأخلاق التي يغرسها الشيطان في نفوس العلماء، ليستأصلها من نفسه،
قبل أن