اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 452
في
ذلك، إلى أن لقوا ربهم، وهو عنهم راض.
وقد
فعلوا ذلك مع علمهم بالمصير الذي ينتظرهم، ومع أن الإمام الحسين سمح لهم بتركه،
وبرأ ذمتهم من بيعته، لكنهم ظلوا أوفياء لها إلى أن تشرفوا باختلاط دمائهم مع دمه.
وقد
روي أنه جمعهم قبل المعركة؛ فقال: (إني لا أعلم أصحابا أصح منكم ولا أعدل ولا أفضل
أهل بيت، فجزاكم الله عني خيرا، فهذا الليل قد أقبل فقوموا واتخذوا جملا، وليأخذ
كل رجل منكم بيد صاحبه أو رجل من إخوتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء
القوم، فإنهم لا يطلبون غيري، ولو أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم)([968])
حينها
قام أخوه العباس وغيره من أقاربه ليعبروا عن ذلك الصدق والثبات الذي نتج عن ولائهم
لأهل بيت النبوة، فقالوا: (لم نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبدا)،
فقال لهم الإمام الحسين: (يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم بن عقيل فاذهبوا أنتم
فقد أذنت لكم)، فقالوا: (سبحان الله.. ما نقول للناس؟ نقول: إنا تركنا شيخنا وسيدنا
وبني عمومتنا خير الاعمام، ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم
بسيف، ولا ندري ما صنعوا، لا والله ما نفعل ذلك، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا
وأهلنا، ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك)([969])
ثم
قام مسلم بن عوسجة، فقال: (أنحن نخلي عنك، بما نعتذر إلى الله في أداء حقك ؟ لا
والله حتى أطعن في صدورهم برمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن
معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، لا والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد
حفظنا غيبة رسول الله a فيك،
أما والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أحيا ثم
[968]تاريخ الطبري 3: 315، الكامل في
التاريخ 2: 559.