اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 447
ولهذا
كتب رسول الله a كتاباً لعمرو ابن حزم، حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم
السنّة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتاباً وعهداً، وأمره فيه بأمره، فكتب: (بسم الله
الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله ورسوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَوْفُوا بِالْعُقُودِ..(1)﴾ (المائدة) عهد من محمد رسول الله a لعمرو
بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله، فإن الله مع الذين اتقوا
والذين هم محسنون)([959])
ومما
يبين خطورة هذه المعاهدات ووجوب الوفاء بها تأكيد القرآن الكريم على أن الله تعالى
سيسأل عباده عن هذه العهود، قال تعالى:﴿وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ
إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ
إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً (34)﴾(الاسراء)، وقال:﴿وَلَقَدْ
كَانُوا عَاهَدُوا الله مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ الله
مَسْؤُولاً (15)﴾ (الأحزاب)
ومثل
ذلك ما أخبر به عن عاقبة ذلك الذي لم يف لله بعهده، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ
مَنْ عَاهَدَ الله لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ
مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ
وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ
إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا الله مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا
يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 75 - 77]
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أنه لا يشترط في المعاهدة أو البيعة الحضور
الشخصي لرسول الله a بجسده الشريف، ذلك أنه يمكنك أن تعاهد الله مباشرة، أو يمكنك أن
تعاهد أي شخص تثق فيه وفي صلاحه وتقواه.. بل يمكن أن تتفق أنت وصديقك على عمل من
أعمال الخير وتعاهدان الله عليه..
بل
يمكنك إن شئت أن تعاهد رسول الله a وتبايعه مثلما كان يعاهده ويبايعه
أصحابه؛ فجسد رسول الله a ليس هو المطلوب في البيعة، وإنما روحه وحقيقته، وهما