اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 438
ويشير
إليها ما رواه بعض أصحاب رسول الله a
قال: كنت أبيت مع رسول الله a، فآتيه بوضوئه وبحاجته، فقال لي:
اسألني، فقلت: إني أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك، قلت: هو ذاك، قال:
(فأعني على نفسك بكثرة السجود) ([946])
فالنبي
a نبه هذا
الصحابي إلى أن تلك المرتبة الرفيعة التي طلب التحقق بها، لا يمكن أن ينالها
بالدعاء، ولا بالشفاعة المجردة، وإنما تقتضي منه مجاهدات نفسية، تجعله يكثر من
السجود وذكر الله.
ولهذا
قرن الله تعالى بين قيام الليل، والمقام المحمود، فقال مخاطبا رسوله a: ﴿وَمِنَ
اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: 79]
وهو
يشير إلى أن ترقي النفس من درجة دنيا إلى درجة عليا يحتاج إلى الكثير من
المجاهدات، والتي يستعان على أدائها بالصبر، ولذلك قرن الله تعالى الصبر بالصلاة،
وجعلها وسيلة للهداية الشاملة، كما قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة:
45]
وأخبر
a عن دور المجاهدة في الخروج من كل المراتب الدنية، والتحقق بكل
المراتب السنية، فقال: (إنّ الشّيطان قعد لابن آدم بأطرقه، قعد في طريق الإسلام،
فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك؟ فعصاه وأسلم، وقعد له بطريق الهجرة،
فقال: تهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ وإنّما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطّول، فعصاه
فهاجر، ثمّ قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد؟ فهو جهد النّفس والمال، فتقاتل
فتقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال؟ فعصاه فجاهد، فمن فعل ذلك كان حقّا على الله أن
يدخله الجنّة، وإن غرق
[946] رواه مسلم (2/
52) (489)، وأبو داود رقم (1320)، والنسائي 2/ 227.
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 438