اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 389
الحج المبرور
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الحج وما يرتبط به من العمرة والزيارة،
والمقاصد المرتبطة بها، وعلاقتها بالتزكية والترقية، وكيفية تحقق ذلك.
وذكرت
لي بأسف تلك التشويهات التي يعود بها بعض الحجاج حين يكتفي من حجه بمئات الصور عن
نفسه، وهو يطوف، أو يلبي، أو يستلم الحجر الأسود، أو يرفع يديه بالدعاء، متوهما
أنه بذلك ضمن جنان الله الواسعة، وأنه عاد إلى فطرته الأصلية نقيا من كل الذنوب،
ممتلئا بكل المكارم، مع أن واقع الحال لا يدل على ذلك.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الحج من أعظم المدارس التربوية، التي فرضها الله
تعالى على كل الأمم، لما فيه من مقاصد نفسية واجتماعية لا يمكن أن تتحقق من دونه.
وهو
مع ذلك ـ مثل سائر المدارس ـ عرضة لتلاعب الشيطان والأهواء، لتحويله من مدرسة
تربوية وإصلاحية للنفس والمجتمع إلى أغراض أخرى تخالف الشريعة، وتعمل على عكس
مقاصدها.
ولهذا
ورد في النصوص المقدسة التفريق بين كلا النوعين من الحج.. الحج الشرعي الذي يهذب
النفس ويزكيها، والحج الذي لا يزيدها إلا ضلالا وانحرافا، ففي الحديث عن رسول الله
a أنه قال: (الحجّ المبرور ليس له جزاء إلّا الجنّة، فقيل له: يا رسول الله
ما برّ الحجّ؟ قال: طيب الكلام وإطعام الطعام)([808])
فهذا
الحديث يشير إلى أن الحج الشرعي الصحيح هو الحج المرتبط بالبر والتقوى،
[808] مسلم ج 4 ص 107 الحاكم ج 1 ص 483.
أحمد ج 3 ص 325 و334.
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 389