اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 390
والذي من مظاهره ما ذكره رسول الله a من
الكرم والكلام الطيب.
ولهذا
قرن الله تعالى الأمر بالحج بالنهي عما يضاده؛ فقال: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا
جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197]
ولذلك؛
فإن على من يريد الصدق في حجه، والاستفادة منه أن يعرف مقاصده التي شرع من أجلها،
وقد عبر عن بعضها الإمام الصادق لمن سأله ساخرا: (إلى كم تدوسون هذا البيدر،
وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر، وتهرولون حوله
هرولة البعير إذا نفر، مَن فكّر في هذا أو قدّر، علم أنّ هذا فعلٌ أسّسه غير حكيم
ولا ذي نظر)
فقال
له الإمام الصادق: (هذا بيتٌ استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم
على تعظيمه وزيارته، وقد جعله محل الأنبياء وقبلة للمصلّين له، فهو شعبةٌ من
رضوانه، وطريقٌ تؤدي إلى غفرانه، منصوبٌ على استواء الكمال، ومجتمع العظمة
والجلال، وأحقّ من أطيع فيما أمر وانتهى عمّا نهى عنه وزجر الله المنشيء للأرواح
والصور)([809])
وقال
لمن سأله عن العلة التي من أجلها كلف الله العباد الحج والطواف بالبيت: (إن الله
عزوجل خلق الخلق لا لعلة إلا أنه شاء ففعل فخلقهم إلى وقت مؤجل، وأمرهم ونهاهم
مايكون من أمر الطاعة في الدين ومصلحتهم من أمر دنياهم فجعل فيه الاجتماع من
المشرق والمغرب ليتعارفوا، ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد، ولينتفع
بذلك المكاري والجمال، ولتعرف آثار رسول الله a، وتعرف أخباره، ويذكر ولا ينسى،
ولو كان كل قوم إنما يتكلون على بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد، وسقط الجلب
والارباح، وعميت