اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 363
وسائل الشيطان
في القود إلى الشرور ولن يحصل ذلك إلّا بالتقليل، وهو أن يأكل أكلة الّتي كان يأكلها كلّ
ليلة لو لم يصم، وأمّا إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلا فلم ينتفع
بصومه، بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتّى يحسّ بالجوع والعطش، ويستشعر
ضعف القوى فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كلّ ليلة قدرا من الضعف حتّى يخفّ عليه
تهجّده وأوراده، فعسى الشيطان لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء، وليلة
القدر عبارة عن اللّيلة الّتي ينكشف فيها شيء من الملكوت.. ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من
الطعام فهو عنه محجوب، ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب حتّى يخلو همّته
عن غير الله تعالى وذلك هو الأمر كلّه، ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام) ([732])
الصوم والترقية:
إذا عرفت هذا ـ
أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الصوم الذي يزكي النفس ويطهرها، هو نفسه
الذي يمكنه أن يرقيها في معارج المعرفة والتواصل مع الله.. ذلك أنه كلما طهرت
النفس، كلما كانت أكثر استعدادا لتلقي هبات الهداية الإلهية.
ويشير إلى هذا الدور ما ورد في الحديث عن الإمام الصادق أنه
قال: (إذا صمت فانو بصومك كفّ
النفس عن الشهوات، وقطع الهمّة عن
خطوات الشيطان، وأنزل نفسك منزلة
المرضى لا تشتهي طعاما وشرابا متوقّعا في كلّ لحظة شفاءك من مرض الذّنوب، وطهّر
باطنك من كلّ كدر وغفلة وظلمة يقطعك عن معنى الإخلاص لوجه الله تعالى.. فالصوم يميت موادّ النفس وشهوة الطبع، وفيه صفاء القلب
وطهارة الجوارح وعمارة الظاهر والباطن والشكر على النعم والإحسان إلى الفقراء
وزيادة التضرّع والخشوع والبكاء وحبل