اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 360
أمرك
وكلما نقصت منها شيئا فيما بينت لك، فقد نقص من صومك بمقدار ذلك) ([722])
ومما
يروى في كتب الأنبياء حول الصيام وآدابه ما جاء في صحف إدريس عليه السلام، فقد روي
أنه كتب فيها: (إذا دخلتم في الصيام فطهروا نفوسكم من كل دنس ونجس، وصوموا لله
بقلوب خالصة صافيه منزهة عن الأفكار السيئة والهواجس المنكرة، فإن الله سيحبس
القلوب اللطخة والنيات المدخولة، ومع صيام أفواهكم من المأكل فلتصم جوارحكم من
المآثم فإن الله لا يرضى منكم أن تصوموا من المطاعم فقط، لكن من المناكير كلها،
والفواحش بأسرها) ([723])
وكل
هذه النصوص وغيرها تشير إلى أنه لا يمكن أن يكون الصوم صحيحا، وهو يقتصر على ما
ذهب إليه جماهير الفقهاء من اقتصاره على الأكل والشرب والشهوات المعروفة المحدودة،
وأن الصائم مهما ارتكب فيه من الجرائم، لا يضر ذلك بصومه.
وكل
ذلك بسبب التفاتهم إلى الصحة الظاهرية السطحية، لا إلى قبول الله للأعمال، والتي
وردت النصوص المقدسة الكثيرة تبين عدم قبول أعمال من يقصر في صومه بارتكاب تلك
المحرمات.
وقد
شبه بعض الحكماء من يفعل ذلك، فقال: (من فهم معنى الصوم وسرّه علم أنّ مثل من كفّ
عن الأكل وأفطر بمقارفة الآثام كمن مسح كلّ عضو من أعضائه في الوضوء، وأتى بجميع
الآداب والسنن والأذكار، فقد وفق في الفضائل إلّا أنّه ترك المهمّ وهو الغسل،
فصلاته مردودة عليه لجهله، ومثل من أفطر بالأكل وصام بجوارحه عن المكاره كمن غسل
أعضاءه الواجب غسلها ومسح الواجب مسحه واقتصر على الفرائض، فصلاته صحيحة