اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 359
وجارحتك
وجميع أعضائك من القبيح، ودع عنك الهذي وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصيام،
والزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا عن ذكر الله، ولاتجعل يوم صومك كيوم فطرك،
وإياك والمباشرة والقبل والقهقهة بالضحك، فإن الله مقت ذلك) ([721])
وقال:
(إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، إنما للصوم شرط يحتاج أن يحفظ حتى يتم
الصوم، وهو صمت الداخل أما تسمع ما قالت مريم بنت عمران: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ
لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: 26]
يعني صمتا؛ فاذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، وغضوا أبصاركم، ولا تنازعوا ولا
تحاسدوا ولا تغتابوا ولاتماروا وتكذبوا، ولاتباشروا، ولا تخالفوا، ولا تغاضبوا،
ولاتسابوا، ولا تشاتموا، ولا تفاتروا، ولاتجادلوا، ولا تظلموا، ولاتسافهوا، ولا
تضاجروا، ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصلاة.. والزموا الصمت والسكوت والحلم
والصبر والصدق، ومجانبة أهل الشر، واجتنبوا قول الزور والكذب والفري والخصومة وظن
السوء والغيبة والنميمة.. وكونوا مشرفين على الآخرة منتظرين لأيامكم، منتظرين لما
وعدكم الله متزودين للقاء الله، وعليكم السكينة والوقار والخشوع والخضوع وذل
العبيد الخيف من مولاه خيرين خائفين راجين مرعوبين مرهوبين راغبين راهبين قد طهرت
القلب من العيوب وتقدست سرائركم من الخبث، ونظفت الجسم من القاذورات، وتبرأت إلى
الله من عداه، وواليت الله في صومك بالصمت من جميع الجهات، مما قد نهاك الله عنه
في السر والعلانية، وخشيت الله حق خشيته في سرك وعلانيتك، ووهبت نفسك لله في أيام
صومك وفرغت قلبك له، ونصبت نفسك له فيما أمرك ودعاك إليه.. فاذا فعلت ذلك كله فأنت
صائم لله بحقيقة صومه، صانع له لما