اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 36
فبطل
أجرك فيه، ولو قلت: في سبيل الله، لوجدته في حسناتك، وكنت قد تصدقت بصدقة بين
الناس فأعجبني نظرهم إلي، فوجدت ذلك لا علي ولا لي)
والتحصين
المرتبط بالعمل ـ أيها المريد الصادق ـ لا يرتبط بحفظ أجوره فقط، بل يتعلق بكل
جوانبه، حتى ذلك المدد الإلهي الذي يمد الله به عباده، متوقف على نياتهم وصدقهم
وإخلاصهم؛ فإن كانوا صادقين مع الله ظل المدد ساريا فيهم من حيث يشعرون أو لا
يشعرون، وإن زال صدقهم أو اختلط بغيره رفع عنهم المدد.
وقد
روي في هذا أنّ عابدا كان يعبد الله دهرا طويلا، فجاءه قوم فقالوا: إن ها هنا قوما
يعبدون شجرة من دون الله تعالى، فغضب لذلك، وأخذ فأسه على عاتقه، وقصد الشجرة
ليقطعها. فاستقبله إبليس في صورة شيخ فقال: أين تريد رحمك الله؟ قال: أريد أن أقطع
هذه الشجرة. قال: وما أنت وذاك؟ تركت عبادتك واشتغالك بنفسك وتفرعت لغير ذلك. فقال:
إن هذا من عبادتي. قال: فإني لا أتركك أن تقطعها. فقاتله، فأخذه العابد فطرحه إلى
الأرض، وقعد على صدره. فقال له إبليس: أطلقني حتى أكلمك، فقام عنه، فقال له إبليس:
يا هذا إن الله قد أسقط عنك هذا ولم يفرضه عليك، وما تعبدها أنت، وما عليك من غيرك
ولله تعالى أنبياء في أقاليم الأرض، ولو شاء لبعثهم إلى أهلها، وأمرهم بقطعها. فقال
العابد: لا بد لي من قطعها. فنابذه للقتال. فغلبه العابد وصرعه، وقعد على صدره،
فعجز إبليس، فقال له: هل لك في أمر فصل بيني وبينك، وهو خير لك وأنفع؟ قال العابد:
وما هو؟ قال: أطلقني حتى أقول لك. فأطلقه، فقال إبليس: أنت رجل فقير لا شيء لك،
إنما أنت كل الناس يعولونك، ولعلك تحب أن تتفضل على إخوانك، وتواسي جيرانك، وتشبع
وتستغني عن الناس. قال: نعم. قال: فارجع عن هذا الأمر، ولك علي أن أجعل عند رأسك
في كل ليلة دينارين، إذا أصبحت أخذتهما فأنفقت على نفسك وعيالك،
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 36