responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 37

وتصدقت على إخوانك، فيكون ذلك أنفع لك وللمسلمين من قطع هذه الشجرة التي يغرس مكانها، ولا يضرهم قطعها شيئا، ولا ينفع إخوانك المؤمنين قطعك إياها. فتفكر العابد فيما قال، وقال: صدق الشيخ، لست بنبي فيلزمني قطع هذه الشجرة ولا أمرني الله أن أقطعها فأكون عاصيا بتركها، وما ذكره أكثر منفعة. فعاهده على الوفاء بذلك، وحلف له. فرجع العابد إلى متعبده فبات، فلما أصبح رأى دينارين عند رأسه، فأخذهما، وكذلك الغد، ثم أصبح اليوم الثالث وما بعده فلم ير شيئا، فغضب وأخذ فأسه على عاتقه، فاستقبله إبليس في صورة شيخ فقال له: إلى أين؟ قال: أقطع تلك الشجرة. فقال: كذبت والله، ما أنت بقادر على ذلك، ولا سبيل لك إليها، فتناوله العابد ليفعل به كما فعل أول مرة، فقال: هيهات، فأخذه إبليس وصرعه، فإذا هو كالعصفور بين رجليه، وقعد إبليس على صدره وقال: لتنتهين عن هذا الأمر أو لأذبحنك. فنظر العابد، فإذا لا طاقة له به، قال: يا هذا غلبتني فخل عني، وأخبرني كيف غلبتك أولا وغلبتني الآن؟ فقال: لأنك غضبت أول مرة لله، وكانت نيتك الآخرة، فسخرني الله لك. وهذه المرة غضبت لنفسك وللدنيا، فصرعتك([27]).

فتأمل ـ أيها المريد الصادق ـ في هذه الحكاية، ولا يهمك أن تكون صحيحة ثابتة أو ملفقة مزورة، فالحقائق كلها تدل عليها، ولذلك احرص على إخلاص النية، ولو في العمل القليل؛ فذلك أجدى لك، وأكثر بركة من العمل الكثير الذي يخلو من الإخلاص، ويخلو معه من المدد الإلهي.

النية والتحصيل:

لا يقتصر النية الخالصة على تحصين الأعمال وحفظها من أن تدب إليها الأهواء،

 

 


[27] المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج‌8، ص: 127.

اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست