اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 347
جوارحك، وتسكن جميع أجزائك خيفة أن ينسبك
ذلك العاجز المسكين إلى قلّة الخشوع، وإذا أحسست من نفسك التماسك عند ملاحظة عبد
مسكين فعاتب نفسك وقل لها: إنّك تدّعين معرفة الله وحبّه أ فلا تستحين من اجترائك
عليه مع توقيرك عبدا من عباده أو تخشينّ الناس ولا تخشينّه وهو أحقّ أن يخشى) ([689])
ويشير
إلى هذا المعنى قوله a لمن سأله عن كيفية الحياء من الله، فقال: (تستحي منه كما تستحي من
الرجل الصالح من أهلك)([690])
واستشعر ـ أيها المريد الصادق ـ عند قراءتك للبسملة (التبرّك لابتداء القراءة لكلام الله،
وافهم أنّ معناه أنّ الأمور كلّها بالله وأنّ المراد بالاسم هاهنا هو المسمّى وإذا
كانت الأمور بالله فلا جرم كان (الْحَمْدُ لله) ومعناه أنّ الشكر لله إذ النعم من
الله ومن يرى من غير الله نعمة أو يقصد غير الله بشكر لا من حيث إنّه مسخّر من
الله ففي تسميته وتحميده نقصان بقدر التفاته إلى غير الله.. فإذا قلت: (الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ) فأحضر في قلبك أنواع لطفه ليتّضح لك رحمته فينبعث به رجاؤك، ثمّ استثر
من قلبك له التعظيم والخوف بقولك: (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أمّا العظمة فلأنّه لا
ملك إلّا له وأمّا الخوف فلهول يوم الجزاء والحساب الّذي هو مالكه، ثمّ جدّد الإخلاص
بقولك: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) وجدّد العجز والاحتياج والتبرّي عن الحول والقوّة
بقولك: (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وتحقّق أنّه ما تيسّرت طاعتك إلّا بإعانته وأنّ له
المنّة إذ وفّقك لطاعته، واستخدمك لعبادته، وجعلك أهلا لمناجاته ولو حرمك التوفيق
لكنت من المطرودين مع الشيطان اللّعين، ثمّ إذا فرغت عن التعوّذ ومن قولك: (بسم
الله) وعن التحميد وعن إظهار الحاجة إلى الإعانة مطلقا فعيّن سؤالك ولا تطلب إلّا
أهمّ حاجاتك
[689] المحجة البيضاء
في تهذيب الإحياء، ج1، ص: 383.
[690] رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق
والبيهقي في شعب الايمان.
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 347