اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 332
الله
منه صلاة واحدة، فأيّ شيء أشدّ من هذا، والله إنّكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم
من لو كان يصلّي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها، إنّ الله لا يقبل إلّا الحسن
فكيف يقبل ما استخفّ به)([669]))
وفي
الأثر أن داود عليه
السلام قال في مناجاته: (إلهى من يسكن بيتك وممن تتقبل الصلاة؟) فأوحى الله إليه: (يا
داود إنما يسكن بيتي وأقبل الصلاة منه من تواضع لعظمتي، وقطع نهاره بذكرى، وكف
نفسه عن الشهوات من أجلى، يطعم الجائع، ويؤوي الغريب، ويرحم المصاب، فذلك الذي
يضيء نوره في السموات كالشمس، إن دعاني لبّيته، وإن سألنى أعطيته، أجعل له في
الجهل حلما، وفي الغفلة ذكرا، وفي الظلمة نورا، وانما مثله في الناس كالفردوس في
أعلى الجنان لا تيبس أنهارها ولا تتغير ثمارها)
والقرآن
الكريم يشير إلى ذلك بصراحة؛ فقد قال الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ
لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]، وهو يدل على أن الغرض من الصلاة تحقيق ذكر الله، والغفلة تضاد الذكر، فمن غفل
في جميع صلاته كيف يكون مقيما للصلاة، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَكُنْ
مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 205]
ومثل
ذلك قوله تعالى في تحريم صلاة السكران حتى يعقل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا
تَقُولُونَ﴾ [النساء: 43]، والذي يمكن انطباقه على الغافل أو المنشغل بأي
شاغل.
ولهذا اتفق الحكماء على وجوب الخشوع، وأنه لولاه لن يكون للصلاة
أي تأثير في صاحبها، لا في نهيه عن الفحشاء والمنكر، ولا في تقريبه من ربه.
وقد
قال بعضهم يبين
الفرق بين الصلاة وغيرها من الشعائر التي قد لا يشترط فيها