اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 321
الربوبي، وما أكرم به الساجدون هو حلاوة
الأنس مع المحبوب في الدنيا الذي هو خير من الدنيا وما فيها عند أهله وكشف الحجب
وبذل الألطاف الخاصة في الآخرة الذي هو قرة عين الأولياء) ([628])
وقال
في بيان عظم أسرار السجود ودوره العظيم في التزكية والترقية: (هو عند أهل المعرفة
سرّ كلّ الصلاة وكل سرّ الصلاة، وآخر منزل للقرب ومنتهى النهاية للوصول، بل الأولى
ألاّ يُعَدّ هو من المقامات والمنازل ولأصحابه وقت وحال انقطعت عنه جميع الإشارات،
وبكُمت عنه جميع الألسن وقصرت عن مقامه جميع البيانات وكل من أشار إليه فهو غير
خبير به. فمن حصل عنده خبر لم يجئ عنه خبر وما ذكر أو يذكر في هذا المقام فمن
أرباب الاحتجاب بل هو من أسباب الحجاب)
([629])
ثم
ذكر بعض تلك المعاني التي يجدها العارفون المحققون في سجودهم، فقال: (السجدة عند
أهل المعرفة وأصحاب القلوب هي غمض العين عن الغير، والهجرة عن جميع الكثرات حتى
كثرة الأسماء والصفات والفناء في حضرة الذات.. وفي هذا المقام ليس من سمات
العبودية خبر، ولا من سلطان الربوبية في قلوب الأولياء أثر، والحق تعالى بنفسه
قائم بالأمر في وجود العبد (فهو سمعه وبصره بل لا سمع ولا بصر ولا سماع ولا بصيرة
وإلى ذلك المقام تنقطع الإشارة) ([630])
وعبر
حكيم آخر عن بعض أسرار السجود، فقال ـ مخاطبا مريده ـ: (ثمّ تهوي إلى السجود وهو أعلى درجات
الاستكانة، فمكّن أعزّ أعضائك وهو الوجه من أذلّ الأشياء