اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 297
الظلام
البهيم وعندها ذلك المرتع الزكي، وذلك المرتقى العالي، وذلك النور الوضيء؟)
وذكر
بعض أسرار تلك اللذة التي يجدها القارئ للقرآن الكريم؛ فقال: (عشت في ظلال القرآن
أرى الوجود أكبر بكثير من ظاهره المشهود.. أكبر في حقيقته، وأكبر في تعدد جوانبه..
إنه عالم الغيب والشهادة لا عالم الشهادة وحده. وإنه الدنيا والآخرة، لا هذه
الدنيا وحدها.. والنشأة الإنسانية ممتدة في شعاب هذا المدى المتطاول.. كله إنما هو
قسط من ذلك النصيب. وما يفوته هنا من الجزاء لا يفوته هناك. فلا ظلم ولا بخس ولا
ضياع. على أن المرحلة التي يقطعها على ظهر هذا الكوكب إنما هي رحلة في كون حي
مأنوس، وعالم صديق ودود. كون ذي روح تتلقى وتستجيب، وتتجه إلى الخالق الواحد الذي
تتجه إليه روح المؤمن في خشوع.. أي راحة، وأي سعة وأي أنس، وأي ثقة يفيضها على
القلب هذا التصور الشامل الكامل الفسيح الصحيح)
وهكذا
راح يذكر الكثير من المعاني التي وجدها في القرآن الكريم، والتي ملأته بالراحة
والطمأنينة والسكينة، وهو في سجنه، ينتظر في أي لحظة أن ينفذ فيه حكم الإعدام، وقد
قال في خاتمة تلك المشاهد التي أنس بها في صحبة كلام ربه: (أي طمأنينة ينشئها هذا
التصور؟ وأي سكينة يفيضها على القلب؟ وأي ثقة في الحق والخير والصلاح؟ وأي قوة
واستعلاء على الواقع الصغير يسكبها في الضمير؟)
وهكذا
كل من صحب القرآن الكريم بصدق وإخلاص؛ فإنه سيرى من المشاهد، ويعيش من المعاني ما
يجعله يعيش ربيعا دائما لا خريف بعده، ونورا دائما لا ظلام معه.
تفعيل القرآن:
تلك هي مرتبة الانفعال ـ أيها المريد
الصادق ـ والتي تفيض عنها مرتبة التفعيل، وبقدر الانفعال يكون التفعيل.. ذلك أن
الانفعال هو المحرك الذي تتحرك على أساسه
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 297