اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 298
الإرادة
النافذة والعزيمة الصادقة.. فإذا كان المحرك قويا، كانت الحركة الناتجة عنه قوية
دائمة مؤثرة.
وقد روي عن بعض القرّاء
أنه قال: (قرأت القرآن على شيخ لي ثمّ رجعت لأقرأ ثانيا، فانتهرني، وقال: جعلت
القراءة عليّ عملا اذهب؛ فاقرأ على الله عزّ وجلّ، فانظر بما ذا يأمرك وعمّا ذا
ينهاك وماذا يفهمك)
وروي أن الله تعالى أوحى إلى بعض أنبيائه بقوله: (يا عبدي أمّا
تستحيي منّي يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد
لأجله وتقرأه وتتدبّره حرفا حرفا حتّى لا يفوتك منه شيء، وهذا كتابي أنزلته إليك
انظر كم وصلت لك فيه من القول؟ وكم كرّرت عليك فيه لتتأمّل طوله وعرضه؟ ثمّ أنت
معرض عنه، أ فكنت أهون عليك من بعض إخوانك يا عبدي، يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل
عليه بكلّ وجهك وتصغي إلى حديثه بكلّ قلبك، فإن تكلّم متكلّم أو شغلك شاغل عن
حديثه أومأت إليه أن كفّ وها أنا ذا مقبل عليك ومحدّث لك وأنت معرض بقلبك عنّي،
فجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك)
([583])
ولهذا
ورد الذم الشديد للذين يقرؤون الكتاب بألسنتهم، ويخالفونه بأفعالهم، وقد ضرب الله
تعالى لهم المثل بالحمير التي تحمل الكتب من غير أن تعرف معانيها، قال تعالى: ﴿مَثَلُ
الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ
يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ الله
وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: 5]