responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 288

الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ&﴾ [الحشر: 21]

وهذه الآية الكريمة تشير إلى أن الله تعالى قد أودع في لغة القرآن الكريم ونظمه ومعانيه ما يحرك الجبال والصخور؛ فكيف بالإنسان العاقل الواعي، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: 17]

ولذلك شعر بحلاوته المشركون أنفسهم ـ مع قساوة قلوبهم وجحودهم ـ وقد روي أنه لما سمع الوليد بن المغيرة القرآن رجع إلى قريش رقيق القلب متأثرا؛ وعندما طلبوا منه أن يبدي رأيه فيه، قال: (ماذا أقول فوالله ما فيكم رجلٌ أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدقٌ أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته) ([573])

وهكذا؛ فإن الله تعالى رتب القرآن الكريم بترتيب مختلف عن الكتب التي تعارف عليها الناس، والتي تقسم إلى أقسام مختلفة، كل قسم يختص بجانب من الجوانب.. لأن ذلك قد يجعل الذهن منصرفا في كل موضع إلى ما فيه دون غيره.. لكن الله تعالى جعل في كل المحال، بل أحيانا في الآية الواحدة المعاني الكثيرة المرتبطة بالجوانب المختلفة.. وهو ما يثير النفس، ويجعلها تستشعر المشاعر المختلفة في كل موضع، بل في كل آية.

ومن الأمثلة على ذلك إذا قرأ القارئ قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ﴾ [طه: 82]، يمتلئ بالبشر والفرح والسرور، لكنه إذا أكمل، فقرأ قوله تعالى: ﴿لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: 82]، يعلم أن ذلك البشر يحتاج إلى عزيمة كبيرة، وأعمال كثيرة، وذلك ما يحرك عزيمته.. ثم يقرأ بعدها ما ورد في عجلة موسى إلى ربه، وكيف ضل بنو إسرائيل،


[573] الحاكم، 2/550 ح 3872.

اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست