اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 287
تتحرك له لا محالة الجوارح، لتؤدي
حق ذلك الانفعال.
وإلى هذه المرتبة الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ
مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأنعام:
155]؛ فقد قرن الله تعالى بين تنزيل الكتاب واتباعه وحصول التقوى، ليدل على أن
تلاوة الكتاب والتدبر فيه هي السبب في ذلك.
وهكذا
أخبر رسول الله a عن أن الجزاء الأخروي المرتبط بقراء القرآن الكريم مشروط بعملهم
بما فيه، فقد قال a: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه
سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما) ([572])
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاسمع لما سأشرح لك من كلا المرتبتين، وكيفية
التحقق بها، وما ورد حولهما من النصوص المقدسة.
الانفعال بالقرآن:
أما
مرتبة الانفعال ـ أيها المريد الصادق ـ فهي علامة على صدق التلاوة، وتغلغلها إلى
عالم النفس، بعد أن كانت مرتبطة باللسان، أو بالحضور المجرد للذهن مع المقروء من
دون تفاعل معه.
وهي
لذلك تشبه تلك المواد التي تتفاعل بينها، ولا يتحقق لها ذلك التفاعل إلا بعد
المماسة والتلاصق، وحينها يمكن أن تشكل مركبات جديدة.. وتحدث آثارا لم تكن لتحدث
لولا ذلك التماس.
وهكذا
الحقائق القرآنية إذا مست عالم النفس، تحدث عندها بعض الظواهر في الجسد تدل على
حصول التفاعل بين القرآن وبين النفس، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم بالخشوع في
قوله تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ
خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ الله وَتِلْكَ