اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 269
استوحشت بعد أن يكون القرآن معي)، ثم قال
الزهري: (وكان إذا قرأ (مالك يوم الدين) يكررها، حتى يكاد أن يموت) ([544])
وقام
سعيد بن جبير ليلة يردّد هذه الآية ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا
الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس: 59]
وحكي
عن بعض الصالحين أنه قال: (إنّي لأفتتح السورة فتوقفني بعض ما أشهد فيها عن الفراغ
منها حتّى يطلع الفجر)، وقال آخر: (كلّ آية لا أتفهّمها ولا يكون قلبي فيها لا
أعدّ لها ثوابا)
و
حكي عن آخر أنّه قال: (إنّي لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال وخمس ليال ولو لا
أنّي أقطع الفكر فيها ما جاوزتها إلى غيرها)
وروي
أن آخر بقي في سورة هود ستّة أشهر يكرّرها ولا يفرغ من التدبّر فيها.
وقال
آخر: (لي في كلّ جمعة ختمة، وفي كلّ شهر ختمة، وفي كلّ سنة ختمة، ولي ختمة منذ
ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد)، وكان يقول: (أقمت نفسي مقام الاجراء فأنا أعمل
مياومة ومسابعة ومشاهرة ومسانهة)([545])
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاسمع لما أحدثك عنه من معاني الفهم والتدبر،
والوصفات التي تعينك على ذلك.
فهم القرآن:
أول
مرتبة في التعامل مع الحقائق القرآنية ـ أيها المريد الصادق ـ فهم معانيها، ذلك أن
الألفاظ والتراكيب ليست مقصودة بذاتها، وإنما قصدها المعاني التي تختزنها.. ولذلك
على قارئ القرآن أن يتجاوز الألفاظ إلى معانيها.. كل معانيها التي تليق بها..
فالقرآن الكريم