اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 268
وأخبر أن عدم إدراك أسرار المعاني القرآنية، وتوهم التناقض بينها ناتج عن
عدم استعمال آلية التدبر، فقال: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾
[النساء: 82]
وبناء على هذا كله أخبر عن أن الغاية الكبرى لتنزل القرآن الكريم هو التدبر
الذي ينتج عنه التذكر، والذي لا يتحقق به إلا أولو الألباب، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو
الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]
ولهذا، فإن الفهم والتدبر هو روح التعامل مع القرآن الكريم، مثلما الخشوع هو
روح الصلاة، كما قال الإمام علي: (لا خير في عبادة لا فقه فيها، ولا في قراءة لا تدبّر فيها)([541])
ولهذا
كان الصالحون يرددون الآية الواحدة مرات كثيرة ابتغاء لتنزل فهمها والتدبر في
معانيها، بل روي ذلك عن رسول الله a، فقد روي أنه قرأ ﴿بسم الله الرّحمن الرّحيم﴾، فردّدها عشرين مرّة([542]).
و
عن أبي ذرّ قال: (قام بنا رسول الله a، فقام ليلة بآية يردّدها، وهي
قوله تعالى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ
لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: 118]) ([543])
و
قام بعض أصحاب رسول الله a ليلة
بهذه الآية ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ
نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ
وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: 21]
وعن
الزهري عن الإمام السجاد أنه قال: (لومات من بين المشرق والمغرب لما