اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 245
وكان
يقول عند الفراغ من القراءة: (اللهم إني قد قرأت ما قضيت من كتابك الذي أنزلت فيه
على نبيّك الصادق a، فلك الحمد ربنا.. اللهم اجعلني ممن يحل حلاله، ويحرّم حرامه،
ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، واجعله لي أنسا في قبري، وأنسا في حشري، واجعلني ممن
ترقّيه بكل آية قرأها درجة في أعلى عليين، آمين رب العالمين)([485])
ومما
يعينك على ذلك ـ أيضا ـ استحضارك لعظمة ربك، وعلمك أنه كلامه، وأنه رسالته إليك؛
فعظمة الرسالة بعظمة مرسلها، ولهذا كان بعضهم كلما اقترب من المصحف أصابته رعشة،
وقال: (هو كلام ربّي، هو كلام ربّي)
وقد
أشار الله تعالى إلى ذلك، فقال: ﴿الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ
كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ
رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ
هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾
[الزمر: 23]
وهذه الآية الكريمة ـ أيها المريد الصادق
ـ تدعوك إلى أن تشرك جميع مشاعرك أثناء قراءتك، ولو تكلفا، فإن لذلك تأثيره على
الباطن، وقد ورد في الحديث عن رسول الله a: (اتلوا القرآن
وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا) ([486])، وقال: (إنّ القرآن نزل بحزن
فإذا قرأتموه فتحازنوا)([487])
وقال
الإمام الصادق: (إنّ الله أوحى إلى موسى بن عمران إذا وقفت بين يدي فقف موقف
الذليل الفقير، وإذا قرأت التوراة فأسمعنيها بصوت حزين)([488]).
وقد
ذكر بعض الحكماء كيفية تكلف ذلك، فقال: (و وجه إحضار الحزن أن يتأمّل