اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 243
القاضي
العادل، والشاهد المرتضى يأمر وينهى ولا طاقة للباطل أن يقوم قدّام كلام الحكمة
كما لا يستطيع الظلّ أن يقوم قدّام شعاع الشمس، ولا طاقة للبشر أن ينفذوا غور
الحكمة كما لا طاقة لهم أن ينفذوا بأبصارهم ضوء عين الشمس، ولكنّهم ينالون من عين
الشمس ما تحيا به أبصارهم، ويستدلّون به على حوائجهم فقط، فالكلام كالملك المحجوب
الغائب وجهه، والمشاهد أمره وكالشمس العزيزة الظاهرة مكنون عنصرها، وكالنجوم
الزاهرة الّتي قد يهتدي بها من لا يقف على سيرها، فهو مفتاح الخزائن النفيسة،
وشراب الحياة الّذي من شرب منه لم يمت، ودواء الأسقام الّذي من سقى منه لم يسقم) ([478])
ومما
يعينك على ذلك التعظيم تأملك فيما ورد في النصوص المقدسة من فضل القرآن الكريم،
وكونه في المحل الذي لا يعدله شيء، ففي الحديث عن رسول الله a أنه قال: (مَن أعطاه الله القرآن،
فرأى أنّ أحداً أُعطي شيئاً أفضل ممّا أُعطي فقد صغّر عظيماً، وعظّم صغيراً)([479])
وقال:
(فضل القرآن على سائر الكلام، كفضل الله على خلقه)([480])
وقال:
(القرآن غنى لا غنى دونه، ولا فقر بعده)([481])
وقال: (القرآن أفضل من كلّ شيءٍ دون الله، فمن وقّر القرآن فقد وقّر الله،
ومن لم يوقّر القرآن فقد استخفّ بحقّ الله، وحرمة القرآن كحرمة الوالد على ولده، وحملة
القرآن المحفوفون برحمة الله، الملبوسون نور الله، يقول الله: (يا حملة القرآن !..
استحبّوا الله بتوقير كتاب الله يزد لكم حبّاً، ويحبّبكم إلى عباده، يدفع عن مستمع
القرآن بلوى الدنيا، وعن
[478] المحجة البيضاء
في تهذيب الإحياء، ج2، ص: 236