اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 220
أما
النفحات المكانية ـ أيها المريد الصادق ـ فهي مرتبطة بتلك الأماكن الشريفة المقدسة
التي أمر الله تعالى بتعظيمها، ونهى عن انتهاك حرمتها وقدسيتها، فقال: ﴿ذَلِكَ
وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾
[الحج: 32]
والآية
الكريمة لا تدعو إلى تعظيم أحكام الشريعة فقط، وإنما تدعو إلى تعظيم كل ما يرتبط
بها من أشخاص أو أزمنة أو أمكنة، ذلك أن المتجرئ على انتهاك حرمتها ينتهك الشريعة
من حيث لا يشعر.
ولذلك
اعتبر الله تعالى الصفا والمروة من شعائر الله، فقال: ﴿إِنَّ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا
جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ الله
شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]
وسر
ذلك يعود إلى ارتباطهما بتلك الأحداث العظيمة التي مثلت التضحية والاستسلام لله في
أجلى وأجمل صوره، كما عبر عن ذلك بعضهم، فقال: (أصل السعي أن يتذكر الإنسان حال أم
إسماعيل، فإنها لما خلَّفها إبراهيم عليه الصلاة والسلام هي وابنها في هذا المكان،
وجعل عندها سقاءً من ماء، وجراباً من تمر، فجعلت الأم تأكل من التمر وتشرب من
الماء، وتسقي اللبن لولدها، فنفدَ الماء ونفد التمر، فجاعت وعطشت، ويبس ثديها، جاع
الصبي، وجعل يتلوى من الجوع، فأدركتها الشفقة، فرأت أقرب جبل إليها الصفا فذهبت
إلى الصفا، وجعلت تتحسس لعلها تسمع أحداً، ولكنها لم تسمع، فنزلت إلى الاتجاه
الثاني إلى جبل المروة، ولما هبطت في بطن الوادي نزلت عن مشاهدة ابنها، فجعلت تسعى
سعياً شديداً، حتى تصعد لتتمكن من مشاهدة ابنها، ورقيت لتسمع وتتحسس على المروة،
ولم تسمع شيئاً، حتى أتمت هذا سبع مرات ثم أحست بصوت، ولكن لا تدري ما هو، فإذا
جبريل نزل بأمر الله عزّ وجل، فضرب بجناحه أو برجله الأرض
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 220