اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 19
عليها،
أو في إقامتها وفق الرضى الإلهي.
ومن
ذلك الإحسان الذي هو من المنازل العظمى للنفس المطمئنة، فقد قرنه الله تعالى
بالصبر، فقال: ﴿وَاصْبِرْ فَإِنَّ الله لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾
[هود: 115]، وقال: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ الله لَا
يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: 90]
وسر
ذلك واضح، ذلك أن المحسن الذي يتقن عمله، ويؤديه وفق ما يتطلبه، يحتاج إلى صبر
كبير، بخلاف الذي يؤدي عمله من غير مراعاة الإتقان.
وهكذا
يقترن الصبر بالتوكل، كما في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [النحل: 42]، وقال عن الرسل وخطابهم لقومهم: ﴿وَمَا
لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى الله وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ
عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾
[إبراهيم: 12]
وسر
ذلك واضح، ذلك أن المتوكل الذي أسند أموره لله ثقة به، وبقدرته المطلقة، لا يستعجل
النصر، ولا يتألم إذا لم يهزم أعداؤه أمامه، لأنه يعلم أن تحديد آجال ذلك لله
تعالى، بخلاف الذي يفتقد الصبر، والذي ينهار في أقرب فرصة.
وهكذا
يقترن الصبر بالصدق والثبات والجهاد وغيرها من صفات الصالحين، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ
لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ
رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: 110]