اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 20
الله،
ثم بين أنه لم ينجح منهم إلا من كان متسلحا بسلاح الصبر، قال تعالى: ﴿قَالَ
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو الله كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَالله مَعَ الصَّابِرِينَ (249)
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا
صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾
[البقرة: 249، 250]
وقد
أخذ الكثير من السائرين في طريق الله بمنهج طالوت في تربية جنده، عندما أمرهم
بالصبر أمام الماء، كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ
قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي
وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ
فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: 249]
فلذلك
راحوا يستعملون أنواع المجاهدات التي تتيح لهم تربية أنفسهم على الأخلاق الطيبة،
التي لا يمكن التحقق بها من دونها، بل إنهم راحوا يضعون أنواع العقوبات التي ترتبط
بالتقصير، حتى يكون ذلك العقاب الدنيوي المحدود رادعا لهم عن العقاب الأخروي.
وهكذا
أخبر الله تعالى عن علاقة الصبر بمواجهة كل مثالب النفس الأمارة المرتبطة
بالعدوان، وتحقيقها بالسماحة والحلم والعفو والكرم، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ
وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا
الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت:
34، 35]، وقال: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ﴾ [الشورى: 43]
وأخبر
عن علاقة الصبر بالتقوى التي تجتمع عندها كل المكارم، فقال: ﴿بَلَى إِنْ
تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ [آل عمران:
125]
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 20