اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 18
وبما
أن هذين المنهجين هما قادة المناهج، فسأذكر لك بعض ما ورد حولهما في النصوص
المقدسة مما يبين فضلهما، وأهميتهما في السير والسلوك.
مدرسة الصبر:
أما
المدرسة الأولى ـ أيها المريد الصادق ـ فهي مدرسة الصبر، وقد أشار القرآن الكريم
إلى أهميتها وضرورتها للسائرين إلى الله؛ فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200]، فقد ربط الله تعالى الفلاح بالصبر والمصابرة
والمرابطة، وهو لا يعني الفوز بالجنة فقط، وإنما يعني تهذيب النفس وتطهيرها
وتطييبها، لأنه لا يدخل الجنة إلا الطيبون الطاهرون.
وهي
تشير إلى استعمال كل أنواع الصبر، وفي كل المجالات، ولو تكلفا، وهي تحوي في معناها
الكثير من المناهج التي مارسها السالكون إلى الله، كالمشارطة والمعاهدة والمرابطة
والمجاهدة والمحاسبة والمعاقبة وغيرها.
ولذلك
أخبر الله تعالى أن من صفات الصالحين من عباده [الصبر]، وهو يدل على أنه ركن في
شخصيتهم، وأنه لولاه لم يتحقق لهم الصلاح، بل إن الله تعالى أكد ذلك بكونه السبب
في صلاحهم، فقال ـ عند ذكر سبب اختياره لأئمة الهدى ـ: ﴿وَجَعَلْنَا
مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا
يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24]،وتقديمه للصبر على اليقين دليل على أن اليقين
الذي هو أعلى مراتب المعرفة لا يصل إليه إلا الصابرون الذين جاهدوا أنفسهم في
الله.
وهكذا
وصف الله تعالى الرسل عليهم السلام بالصبر، فقال: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ
أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ﴾ [الأحقاف: 35]
وأخبر
أن كل الأعمال الصالحة تحتاج إلى الصبر، سواء في أدائها، أو في الاستمرار
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 18