وذكر
نماذج عنه، ومنها قول ذلك المشرك المستكبر: ﴿اللهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ
الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ
ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: 32]
أو
ذلك الذي ذكره الله تعالى، فقال: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)
لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ [المعارج: 1، 2]
أو
أولئك الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ
وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً
وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ (العنكبوت:53)، وقال: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا
عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ (ص:16)
أو
تلك الأمم السالفة، التي راحت تسخر من الدعاء، وتقول مقالة قوم شعيب: ﴿فَأَسْقِطْ
عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾
(الشعراء: 187)
ولذلك؛
فإن الدعاء مثل القرآن الكريم، قد يكون دواء، وقد يكون داء، وقد يكون نورا، وقد
يكون ظلمة، كما قال رسول الله a: (رب تال للقرآن والقرآن يلعنه)([275])
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الدعاء الحقيقي الذي جعله الله تعالى
مدرسة لتزكية عباده، يحتاج جملة من الآداب والمعارف، مثلما يحتاج كل دواء إلى ذلك،
حتى لا يصبح الدواء سما.
ولذلك
فإن للدعاء علاقة بكلا الركنين الكبيرين للتزكية والترقية، وهما: التحقق والتخلق..
التحقق الذي يثمر القرب من الله.. والتخلق الذي يثمر كل القيم النبيلة التي دعا
الله إليها، وأمر عباده بها.