اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 145
المتأوه لم يشترطوا وجود
التركيب فيما يبرز من لسانه، لأن قصده غير قصد النحويين، ومن البعيد أن يقول
النحوي للمتوجه أو للمتأوه: (إنني ما فهمتُ مقصودك من تأوهك)، لأنه لفظ غير مركب
يحتاج إلى خبر أو شبه ذلك! وهذا كله لا يتفق مع مقصود المتوجع، لأنه لا يقصد إفادة
غيره، إنما يقصد الترويح بذلك اللفظ على نفسه.. وهكذا ذاكر الاسم، لا يقصد إلا
تمكين أثر ذلك الاسم من نفسه)([244])
ومنها أن لكل كلمة في
اللغة تأثيرها الخاص في النفس، فإذا كررها صاحبها أحدثت في نفسه تأثيرا خاصا، وهذه
حقيقة يقررها علم النفس الحديث، يقول الشيخ: (و أنت تعلم يا حضرة الأخ، من أن لكل
اسم أثرا يتعلق بنفس ذاكره، ولو من غير الأسماء الإلهية، حتى إن الإنسان إذا ردد
على لسانه ذكر الموت مثلا، فإنه يحس بأثر يتعلق بالنفس، من ذكر ذلك الاسم، بالخصوص
إذا داوم عليه، ولا شك أن ذلك الأثر هو غير الأثر المستفاد من ذكر المال، أو العز،
أو السلطان، ولولا مراعاة ذلك الأثر، لما ورد في الحديث الشريف: (أكثروا من ذكر
هادم اللذات) ([245]) يعني الموت،
ولا شك أنها كلمة مفردة، وقد ورد أنها كانت وردا لبعض السلف)([246])
ومنها أنه يمكن، وعن طريق
كلام النحويين، أن نثبت أن الاسم المفرد ليس كلمة مجردة، وإنما جملة مفيدة، يقول الشيخ:
(ثم أقول: إن جميع ما قدمناه هو جري من على سبيل الفرض، من جهة كونه اسما مفردا
غير منظم لشيء، ولو على سبيل التقدير. أما إذا استطلعنا الحقيقة وأمطنا القناع،
فإننا نستطيع أن نقول: إنه مما يجوز ذكره حتى على قول من يشترط