اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 129
هذه
المعاني الثلاثة لم يطلق عليه اسم العزيز.. فكم من شيء يقل وجوده، ولكن إذا لم
يعظم خطره، ولم يكثر نفعه لم يسم عزيزا، وكم من شئ يعظم خطره، ويكثر نفعه، ولا
يوجد نظيره ولكن إذا لم يصعب الوصول إليه لم يسم عزيزا، كالشمس مثلا فإنه لا نظير
لها، والأرض كذلك والنفع عظيم في كل واحد منهما، والحاجة شديدة إليهما، ولكن لا
يوصفان بالعزة لأنه لا يصعب الوصول إلى مشاهدتهما.. ثم في كل واحد من المعاني الثلاثة
كمال ونقصان.. فالكمال في قلة الوجود أن يرجع إلى واحد إذ لا أقل من الواحد، ويكون
بحيث يستحيل وجود مثله) ([214])
ثم
بين انطباق هذه المعاني على الله تعالى، فقال: (وليس هذا إلا الله تعالى، فإن
الشمس وإن كانت واحدة في الوجود فليست واحدة في الإمكان، فيمكن وجود مثلها في
الكمال والنفاسة.. وشدة الحاجة أن يحتاج إليه كل شيء حتى في وجوده وبقائه وصفاته
وليس ذلك على الكمال إلا لله عز وجل.. والكمال في صعوبة المنال أن يستحيل الوصول
إليه على معنى الإحاطة بكنهه، وليس ذلك على الكمال إلا لله عز وجل، فلا يعرف الله
إلا الله، فهو العزيز المطلق الحق لا يوازيه غيره)
وقال
آخر في اسم الله [الحكيم]: (للحكمة معنيان: معنى علمي، ومعنى عملي.. أما المعنى
العلمي، فهو معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم.. وأجل الأشياء هو الله سبحانه
وتعالى، ولا يعرف كنه الله غير الله، ولذلك فهو الحكيم الحق لأنه يعلم أجل الأشياء
بأجل العلوم.. إذ أجل العلوم هو العلم الأزلي الدائم الذي لا يتصور زواله المطابق
للمعلوم مطابقة لا يتطرق إليها خفاء ولا شبهة، ولا يتصف بذلك إلا علم الله سبحانه
وتعالى.. وأما المعنى العملي، فإنه يقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويحكمها ويتقن
صنعتها حكيم، وكمال