اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 399
عليه
بقوله: (إن كان هناك احتمال بأن تنالهم الشفاعة، لأن الارتباط المعنوي حاصل بينهم
وبين الشافع لهم، فالرابطة الإلهية بينهم تجعلهم مؤهلين أكثر من غيرهم لنيل
الشفاعة، وإن لم يحصل هذا الأمر لهم في هذا العالم، فلعله يحصل لهم بعد تنقيات
وتزكيات أنواع من العذاب البرزخي أو الجهنمي، حتى يصبحوا بعده لائقين للشفاعة،
والله العالم بمدى ما سيصيبهم، فضلاً عن هذا، فإن الآيات التي وردت في القرآن
الكريم حول الشفاعة لا تبعث ـ بعد التأمل فيها ـ الاطمئنان في الإنسان، قال تعالى:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة:
255]، وقال: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء:
28]، وأمثال ذلك من الآيات التي تثبت موضوع الشفاعة، ولكنها في الوقت نفسه لا تبعث
الاطمئنان لدى الإنسان ولا تسمح له بالاغترار بها، لأنها لم توضح من هم أولئك
الذين ستكون الشفاعة من نصيبهم، أو ماهي شروطها، ومتى تكون شاملة لهم.. نحن نأمل
بالشفاعة، ولكن ينبغي أن يدفعنا هذا الأمل نحو طاعة الحق تعالى، لا نحو معصيته) [1]
وبناء
على هذا كله يدعوه إلى الورع في التعامل مع أبسط الحقوق، سواء تلك الحقوق المتعلقة
بالله، أم المتعلقة بخلقه، يقول له، ولشعبه: (بني: احرص على أن لا تغادر هذا
العالم بحقوق الناس؛ فما أصعب ذلك وما أقساه. واعلم أن التعامل مع أرحم الراحمين
أسهل بكثير من التعامل مع الناس. نعوذ بالله تعالى أنا وأنت وجميع المؤمنين من
التورط في الاعتداء على حقوق الآخرين، أو التعامل مع الناس المتورطين.. ولا أقصد
من هذا دفعك للتساهل بحقوق الله والتجرؤ على معاصيه، فلو أننا أخذنا بنظر الاعتبار
ما يستفاد من ظاهر بعض الآيات الكريمة، فإن البلية ستزداد باطراد، ونجاة أهل المعصية
بالشفاعة يتم بعد المرور بمراحل طويلة. فتجسم الأخلاق والأعمال، وما يستتبع ذلك من
ملازمتها للإنسان