اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 389
وهو
يذكر أيضا بما قاله سيد قطب بعد ذكره لبعض المعاني الروحية التي ذكرها الصوفية،
وكيف أنهم انشغلوا بها عن واجباتهم الدعوية؛ فقال: (وهذه هي مدارج الطريق التي
حاولها المتصوفة، فجذبتهم إلى بعيد! ذلك أن الإسلام يريد من الناس أن يسلكوا
الطريق إلى هذه الحقيقة وهم يكابدون الحياة الواقعية بكل خصائصها، ويزاولون الحياة
البشرية، والخلافة الأرضية بكل مقوّماتها، شاعرين مع هذا أن لا حقيقة إلا الله.
وأن لا وجود إلا وجوده. وأن لا فاعلية إلا فاعليته.. ولا يريد طريقا غير هذا
الطريق! من هنا ينبثق منهج كامل للحياة، قائم على ذلك التفسير وما يشيعه في النفس
من تصورات ومشاعر واتجاهات: منهج لعبادة الله وحده. الذي لا حقيقة لوجود إلا
وجوده، ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعليته، ولا أثر لإرادة إلا إرادته.. ومنهج للاتجاه
إلى الله وحده في الرغبة والرهبة. في السراء والضراء. في النعماء والبأساء. وإلا
فما جدوى التوجه إلى غير موجود وجودا حقيقيا، وإلى غير فاعل في الوجود أصلا؟!
ومنهج للتلقي عن الله وحده. تلقي العقيدة والتصور والقيم والموازين، والشرائع
والقوانين والأوضاع والنظم، والآداب والتقاليد. فالتلقي لا يكون إلا عن الوجود
الواحد والحقيقة المفردة في الواقع وفي الضمير.. ومنهج للتحرك والعمل لله وحده..
ابتغاء القرب من الحقيقة، وتطلعا إلى الخلاص من الحواجز المعوقة والشوائب المضللة.
سواء في قرارة النفس أو فيما حولها من الأشياء والنفوس. ومن بينها حاجز الذات،
وقيد الرغبة والرهبة لشيء من أشياء هذا الوجود! ومنهج يربط- مع هذا- بين القلب
البشري وبين كل موجود برباط الحب والأنس والتعاطف والتجاوب.. فليس معنى الخلاص من
قيودها هو كراهيتها والنفور منها والهروب من مزاولتها.. فكلها خارجة من يد الله
وكلها تستمد وجودها من وجوده، وكلها تفيض عليها أنوار هذه الحقيقة. فكلها إذن
اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 389