اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 388
ويقول
له: (الميزان في أول السير هو القيام لله، إنْ في الأعمال الشخصية والفردية أو في
النشاطات الاجتماعية، فاسعَ أن تكون موفقا في هذه الخطوة الأولى.. فإذا تيسر
لإنسان ما ـ بدافع إلهي ـ مُلك الجن والإنس، بل إذا حصل عليه، فهو عارف بالله
وزاهد في الدنيا.. وإذا كان الدافع نفسانيا وشيطانيا، فكل ما حصل عليه حتى إذا كان
سبحة فقد ابتعد بهذا المقدار عن الله تعالى) [1]
وهذه
الكلمات الممتلئة بالحكمة، التي ذكرها الخميني وصية لابنه وللشعب الإيراني تتطابق
تماما مع الحكمة العطائية المعروفة، والتي يقول فيها ابن عطاء الله السكندري: (إرادتك
التّجريد مع إقامة اللّه إيّاك في الأسباب من الشهوة الخفيّة، وإرادتك الأسباب مع
إقامة اللّه إياك في التجريد انحطاط عن الهمّة العليّة)
وقد
قال صاحب الحكمة ابن عطاء الله يحكي عن نفسه، وما قال له شيخه، وهو يشبه إلى حد كبير
ما ذكره الخميني في خطابه لابنه، فقد قال: (دخلت على الشيخ أبي العباس المرسي، وفي
نفسي العزم على التجريد قائلا في نفسي: إن الوصال إلى اللّه تعالى على هذه الحالة
التي أنا عليها بعيد من الاشتغال بالعلم الظاهر، ووجود المخالطة للناس، فقال لي؛
من غير أن أسأله: صحبني إنسان مشتغل بالعلوم الظاهرة، ومتصدر فيها فذاق من هذا
الطريق شيئا، فجاء إليّ، فقال لي يا سيدي: أخرج عما أنا فيه وأتفرغ لصحبتك فقلت
له: ليس الشأن ذا، ولكن امكث فيما أنت فيه، وما قسم اللّه لك على أيدينا، فهو لك
واصل، ثم قال الشيخ ونظر إليّ: وهكذا شأن الصديقين، لا يخرجون من شيء حتى يكون
الحق سبحانه هو الذي يتولى إخراجهم، فخرجت من عنده وقد غسل اللّه تلك الخواطر من
قلبي، ووجدت الراحة بالتسليم إلى اللّه تعالى)[2]