ولا
يكتفي الخميني بدعوة العلماء إلى ممارسة الحياة السياسية، وإنما يحذرهم من أن
تقاعسهم عن النهي عن المنكر، أو المشاركة في الحياة بكل مجالاتها سيؤدي إلى انتشار
الفساد، وقد قال معقبا على قوله تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ
وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا
كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: 63]: (وإن كانت خطاباً للربانيين والأحبار،
لكن الخطاب موجَّه للجميع. ولقد ذمَّ الله تعالى الربانيين والأحبار، واستنكر
عليهم لسكوتهم امام ظلم الظلمة خوفاً أو طمعاً، مع كونهم قادرين على القيام بما
يمنع الظلم من خلال المعارضة ورفع الصوت والكلام، فعلماء الإسلام أيضاً إذا سكتوا،
ولم يقوموا بوجه الظالمين؛ فإنهم سوف يقعون محلاً لاستنكار الله عز وجل)[2]
وهكذا
نرى أن العرفان الذي يدعو إليه الخميني، والذي تبنته الجمهورية الإسلامية
الإيرانية عرفان إيجابي لا ينعزل عن المجتمع، ولا يتعالى على مشاكله، بل يخوض
فيها، ويحاول إصلاحه، ويقوم بواجباته نحوها، لتحقيق ما يطلق عليه [التقوى
الاجتماعي] أو [العرفان الاجتماعي]
3 ـ
القيم الروحية والتوحيد الخالص:
مع
كثرة ما كتبه الخميني حول التوحيد الخالص لله، نجد أعداءه، وأعداء إيران يلهجون كل
حين برميه بالشرك، ورمي إيران جميعا بذلك، مع أن ما طرحه من رؤى حول التوحيد، لم
يخطر على بالهم، فالتوحيد عنده هو الأساس الذي تقوم عليه كل الحياة، وما نظام
ولاية الفقيه، بحسب طروحاته سوى تجل من تجليات التوحيد.
ومما
ذكره في وصيته العرفانية قوله لابنه وللشعب الإيراني، وهو يحثهم على التأمل