وأهمية هذا الجانب ـ كما أشرنا
سابقا ـ هي في قوة الدولة وثباتها على مبادئها، لأنها لو ترك الأمر للأغلبية
الشعبية من دون قيود؛ فإنه يمكن أن يتسرب إلى مجالس الشورى من ليست له الأهلية، ثم
ينجح فيها بفعل الدعم الخارجي أو الإعلامي الذي يتلقاه، ثم تكون له القدرة بعد ذلك
على تغيير قوانين الدولة، بل تغيير نظامها جميعا.
وقد أشار إلى هذا المعنى مالك
مصطفى وهبي العاملي بقوله: (إن نظرية ولاية الأمة على نفسها ـ أي الحرية السياسية
المطلقة ـ هي نظرية الإنقلابات المتكثرة واللااستقرار الاجتماعي، والتخلي عن الدين
كشرع يحكمنا في كل صغيرة وكبيرة. فإننا إذا بنينا على ولاية الأمة على نفسها بدون
ضوابط وكان هذا حقها الحصري، تأتي مجموعة أسئلة لتثير مخاوف تجعل مصالح الأمة في
معرض التسيب والزوال. فإنه لو لم يكن للفقيه ولاية يتمكن من خلالها من إلزام الأمة
بسلوك الطريق الصحيح، ونقصد الإلزام الشرعي، فهذا يعرض الأمة للفساد ولتسلط
المنحرفين عليها ويفسح المجال لظهور حكومات لا علاقة لها بالإسلام. وفي هذا تضييع
للهدف المنشود من وراء تشكيل حكومة ترعى شؤون المسلمين)[2]
ثم بين مدى يسر ذلك وسهولته على
المندسين؛ فقال: (ما أسهل أن تسيطر قلة قليلة على الأكثرية من خلال الإعلام ونمط
تثقيفي تربوي معين وقدرة مالية، فبدل أن تكون الولاية للأمة على نفسها، وهو الشعار
البراق، نكون قد أعطينا الولاية لتلك الفئة القليلة على الأمة، ولذا ترى كل الضغط
المنحرف متجه نحو إلغاء فكرة ولاية الفقيه من نظام الجمهورية الإسلامية في إيران،
والذي يتمظهر بمظاهر متعددة والتي منها المطالبة بإلغاء كل ما يشكل ضمانة للأمة من
عدم الوقوع في الإنحراف، كإلغاء مجلس صيانة الدستور والتخفيف من
[1] انظر: ولاية
الفقيه ولاية الفقاهة والعدالة جوادي آملي (ص: 54)
[2] الفقيه
والسلطة والأمة، مالك مصطفى وهبي العاملي (ص: 98).
اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 159