ونريد به انضباط المتحاورين بالمنهج العملي في الحوار،
فلا يفلتون منه، ولا يدعون غيره يفلت إليهم، فيفسد الحوار.
وذلك الغير قد يكون سبابا أو شتما أو عيوبا تخزن ليرمى
بها في الوقت المناسب، فينتقل المحاورن من الحديث العملي الجاد إلى الدفاع عن
أنفسهم أو مقابلة السباب بالسباب والفضائح بالفاضائح.
ولهذا يتردد في القرآن الكريم دعوة المشاغبين من
المشركين وغيرهم إلى ترك شغبهم واعتماد الحوار العملي المعتمد على الحجة لا على
الأهواء، فما أكثر ما يرد في القرآن ﴿ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾ (البقرة:111،
الأنبياء:24 النمل:64، القصص:75)، وقال تعالى داعيا إلى اعتماد العلم والحجة في
الحوار:﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا
هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾ (الحج:8، لقمان:20)، وقال تعالى:﴿
هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ
فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ﴾ (آل عمران:66)، وقال تعالى:﴿
أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾
(الصافات:156-157)
ولهذا يرد في النصوص النهي عن معاملة المشاغبين من
المحاورين بأساليبهم حتى لا ينتقل الحوار الذي هو دعوة إلى الله وجهاد في سبيله
إلى مجلس شغب وسباب، قال تعالى:﴿ وَلا
تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا
بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 82