اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 80
لكن نوحا u لا يخرجه هذا
التكذيب والتحدي عن سمت النبي الكريم، ولا يقعده عن بيان الحق لهم، وهي أنه ليس
سوى رسول، وليس عليه إلا البلاغ، أما العذاب فمن أمر الله، وهو الذي يدبر الأمر
كله، ويقدر المصلحة في تعجيل العذاب أو تأجيله، فيظل يكشف لهم عن الحق حتى اللحظة
الأخيرة، لا يقعده عن إبلاغه وبيانه أن القوم يكذبونه ويتحدونه، قال تعالى:﴿ قَالَ
إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ وَلاَ
يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ
أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (هود:33 ـ 34)
بل إن نوحا u لم يتوقف عن
الحوار حتى أوحي إليه بأن يتوقف واستيأس من إجابتهم، بل بقي في آخر لحظة يدعو ابنه
إلى الله، قال تعالى:﴿ وَأُوحِيَ
إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ
تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا
وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾
(هود:36 ـ 37)
أما رسول الله a، فإنه
رغم كثرة الأذى الذي تعرض له من أعدائه المختلفين من استهزاء وسخرية واتهام ورمي
الأوساخ وتسليط الصبيان لرميه بالحجارة وغيرها لم يتخل عن الحوار الهادئ إلى آخر
لحظة من لحظات دعوته.
ولهذا كان من صفة رسول الله a في
الكتب السابقة أنه a (ليس بفظ ولا غليظ ولا صخّاب في الأسواق
ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح)[1]
وقد كان أخوف ما يخاف أعداؤه أن يسمعه الناس أو يحاورهم
أو يحاوروه، كان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث يحكي عن قصة إسلامه: أنه قدم مكة
ورسول الله a بها فمشى إليه رجال من قريش وكان الطفيل
رجلاً شريفاً شاعراً لبيباً فقالوا له: ياطفيل