اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 69
مخطىء يغضبه وعند الغضب لا يبقى سداد الفكر وعند
اختلاله لا مطمع في الفهم فيفوت الغرض، وأما إذا قال له بأن أحدنا لا يشك في أنه
مخطىء والتمادي في الباطل قبيح والرجوع إلى الحق أحسن الأخلاق فنجتهد ونبصر أينا
على الخطأ ليحترز فإنه يجتهد ذلك الخصم في النظر ويترك التعصب وذلك لا يوجب نقصاً
في المنزلة لأنه أوهم بأنه في قوله شاك ويدل عليه قول الله تعالى لنبيه a:﴿
وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ ﴾ مع أنه لا يشك في أنه هو الهادي وهو المهتدي
وهم الضالون والمضلون)[1]
وهذا الحال النفسي يجر إلى سلوكيات أخلاقية رفيعة في
أدب الحوار، منها أن كل محاور يتجنب الهزء والسخرية وكل ما يشعر باحتقاره للآخر أو
ازدرائه لفكرته أو وسمه بالجهل أو قلة الفهم أو التبسمات والضحكات التي تدل على
السخرية..وغيرها مما نراه في مجالس الحوار.
وننبه هنا أيضا إلى ناحية مهمة، وهي أن البعض قد يتعالى
على الحوار بسبب وقوع الطرف الآخر في معصية كبرى، بحيث يتصور أن حواره معه تنازل
من جهته.
وهذا قد يقع فيه بعض الآباء بسبب تصرف من تصرفات ولده،
والقرآن الكريم بذكره لنموذج نوح u مع ابنه، وهو
يدعوه في آخر اللحظات، وبعبارات حانية، بل يتأسف على فقده ويسأل الله في شأنه دليل
على أن مصدر ذلك الإنكار للآخر أو التجاهل كبر في النفس لا تعال بالحق.
بل إن الله تعالى وهو العلي المتعالي يحاور إبليس[2]،
ويطلب منه بيان الباعث
[2]
وقد اعتبر العلماء حوار الله تعالى مع إبليس مناظرة، قال الرازي :« دلّت المناظرات
المذكورة في القرآن بين الله تعالى وبين إبليس على أنه تعالى كان يتكلم مع إبليس
من غير واسطة، فذلك هل يسمى وحياً من الله تعالى إلى إبليس أو لا، الأظهر منعه،
ولا بد في هذا الموضع من بحث غامض كامل » التفسير الكبير: 27/619.
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 69