اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 66
ويستخرج بالسؤال مقابحه حتى يعدها ذخيرة لنفسه في
إفضاحه وتخجيله إذا مست إليه حاجة، حتى إنه ليستكشف عن أحوال صباه وعن عيوب بدنه
فعساه يعثر على هفوة أو على عيب به من قرع أو غيره، ثم إذا أحس بأدنى غلبة من جهته
عرّض به إن كان متماسكاً ويستحسن ذلك منه ويعد من لطائف التسبب ولا يمتنع عن
الإفصاح به إن كان متبجحاً بالسفاهة والاستهزاء، كما حكي عن قوم من أكابر
المناظرين المعدودين من فحولهم.
ب
ـ الإخلاص والتجرد الكامل:
أكبر واق من الآفات النفسية الخطيرة التي ذكرها الغزالي
في ذلك التحليل النفسي لنفسيات المتحاورين، هو إخلاص المتحاورين وتجردهم الكامل
لطلب الحق.
وهذا ما نص عليه قوله تعالى ـ كشرط أساسي
للدخول في الحوار ـ:﴿ قُلْ إِنَّمَا
أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ
تَتَفَكَّرُوا﴾ (سـبأ:46)
ففي قوله تعالى:﴿ أَن تَقُومُوا لله ﴾
تقييد للقصد من قيامهم بأن يكون متجردا لله، قال القرطبي:(وهذا القيام معناه
القيام إلى طلب الحق لا القيام الذي هو ضد القعود، وهو كما يقال: قام فلان بأمر
كذا؛ أي لوجه الله والتقرب إليه)
وتحقيق هذا الإخلاص والتجرد وتربية النفس عليه يستدعي
ركنين أساسيين لا يكمل الإخلاص إلا بتوفرهما، هما:
تصحيح النية: فكما أن العبادات لا تتحقق إلا بركن تصحيح
النية، فكذلك عبادة الحوار الإيماني تستلزم توفير النية الشرعية، لأن ثمرة العمل
ترتبط بنيته، ويتحقق ذلك بمساءلة النفس عن الغرض من الحوار هل هو إرادة الحق فحسب،
أو أن هناك أغراضاً أخرى كحب الظهور وإفحام الخصم أو أن يرى الناس مكانه، فإذا
كانت هذه الأغراض موجودة فليحجم المحاور عن الحوار حتى تتجرد نيته تماماً لله عز
وجل وأنه يريد الحق ولو ظهر على لسان الطرف الآخر.
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 66