اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 36
رسول الله، ولا في زمن أبـي بكر ولا عمر ا، حتى ظهرت
الفتنة وظهر القصاص. وروي أن ابن عمر ا خرج من المسجد فقال: ما أخرجني إلا القاصّ
ولولاه لما خرجت. وقال ضمرة: قلت لسفيان الثوري نستقبل القاص بوجوهنا؟ فقال: ولّوا
البدع ظهوركم، وقال ابن عون: دخلت على ابن سيرين فقال: ما كان اليوم من خبر؟ فقلت:
نهى الأمير القصّاص أن يقصوا. فقال: وفق للصواب. ودخل الأعمش جامع البصرة فرأى
قاصّاً يقصّ ويقول: حدّثنا الأعمش، فتوسط الحلقة وجعل ينتف شعر إبطه، فقال القاصّ:
يا شيخ، ألا تستحي فقال: لم؟ أنا في سنة وأنت في كذب، أنا الأعمش وما حدّثتك. وقال
أحمد: أكثر الناس كذباً القصاص والسؤال. وأخرج علي القصاص من مسجد جامع البصرة،
فلما سمع كلام الحسن البصري لم يخرجه إذ كان يتكلم في علم الآخرة والتفكير بالموت
والتنبـيه على عيوب النفس وآفات الأعمال وخواطر الشيطان ووج ويعرّف حقارة الدنيا
وعيوبها وتصرمها ونكث عهدها وخطر الآخرة وأهوالها، فهذا هو التذكير المحمود شرعاً)[1]
وأهم الأسباب التي جرت إلى هذا التحريف ما نهى عنه
القرآن الكريم من الوقوف عند جزئيات الحوادث التاريخية وتفاصيلها، مع عدم الأدوات
المؤدية لذلك، وإهمال الدروس والعبر المستفادة منها، مع أنها هي الأصل المقصود من
القصص، قال تعالى:﴿ لَقَدْ
كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً
يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ
وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (يوسف:111)
لكن هؤلاء القصاص حولوا منها بفعل المبالغة إلى أحاديث
مفتريات لا حظ لها من الصدق، ولا حظ لها من التربية.