اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 211
الكريم - إنما يعملون على زعزعة ثقة الجماعة المؤمنة
بالخير والعفة والنظافة ؛ وعلى إزالة التحرج من ارتكاب الفاحشة، وذلك عن طريق
الإيحاء بأن الفاحشة شائعة فيها.. بذلك تشيع الفاحشة في النفوس، لتشيع بعد ذلك في
الواقع، من أجل هذا وصف الذين يرمون المحصنات بأنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في
الذين آمنوا، وتوعدهم بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، وذلك جانب من منهج
التربية، وإجراء من إجراءات الوقاية. يقوم على خبرة بالنفس البشرية، ومعرفة بطريقة
تكيف مشاعرها واتجاهاتها.. ومن ثم يعقب بقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (النور:19))[1]
وقد وردت النصوص الكثيرة بتحريم نشر عيوب المخطئين، قال
تعالى:﴿ وَلا
يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ
مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾
(الحجرات:12)، لأن المشهر بغيره لا يشهر به إلا عن طريق اغتيابه.
وقال a:(من سمّع سمّع
الله به)، فمما قيل في تفسيره:(أي من سمّع بعيوب الناس وأذاعها أظهر الله عيوبه)[2]
وقال a:(من ستر عورة
أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته
حتى يفضحه بها في بيته)[3]
وقال a:(كل أمتي معافى
إلا المجاهرين الذين يعملون العمل بالليل فيستره ربه ثم يصبح فيقول: يا فلان إني
عملت البارحة كذا وكذا، فيكشف ستر الله عز وجل)[4]،
[2]
ومما فسر به الحديث: من رايا بعمله وسمعه الناس ليكرموه ويعظموه ويعتقدوا خيره سمع
الله به يوم القيامة الناس وفضحه، وقيل معناه من سمع بعيوبه وأذاعها أظهر الله
عيوبه، وقيل أسمعه المكروه، وقيل أراه الله ثواب ذلك من غير أن يعطيه إياه ليكون
حسرة عليه، وقيل معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك حظه منه.