اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 212
فإنه إن كان تشهير الإنسان بنفسه حراما فتشهيره بغيره
أولى، ولهذا قال a:(اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله
عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، ولا يعد)[1]
ومع كل هذه الأدلة المحرمة للتشهير بالمخطئ، فقد يرخص،
بل يجب التشهير في بعض الأحيان إذا خشي من تعدي ضرر المخطئ على غيره، كمن يقوم
بالنصب والاحتيال على أموال الناس وأعراضهم، فإنه لا بد من التشهير به حتى لا يوقع
الناس في حبائله، ولكن ذلك بعد استنفاذ كل وسائل الإصلاح كما ذكرنا سابقا.
وذلك لأن غرض هذا التشهير هو نصيحة المسلمين وتحذيرهم، فلذلك
يضحى بالمصالح الخاصة من أجل المصلحة العامة.
ومن هذا الباب جرح الرواة والشهود، والتشهير بمن لا
يحسنون الفتيا، أو يكتبون فيما لا يعلمون أو المبتدعة، أو ممن يتظاهرون بالعلم وهم
فسقة أصحاب سوء وفتنة فهو واجب، قال القرافي:(أرباب البدع والتصانيف المضلة ينبغي
أن يشهر في الناس فسادهم وعيبهم، وأنهم على غير الصواب ليحذرها الناس الضعفاء فلا
يقعوا فيها...بشرط أن لا يتعدى فيها الصدق، ولا يفترى على أهلها من الفسوق والفواحش
ما لم يفعلوه، بل يقتصر على ما فيهم من المنفرات خاصة، فلا يقال في المبتدع: إنه
يشرب الخمر ولا أنه يزني ولا غير ذلك مما ليس فيه، ويجوز وضع الكتب في جرح
المجروحين من الرواة.. بشرط أن تكون النية خالصة لله تعالى في نصيحة المسلمين في
ضبط الشريعة، أما إذا كان لأجل عداوة أو تفكه بالأعراض وجرياً مع الهوى فذلك حرام،
وإن حصلت به المصلحة عند الرواة)[2]
وربما يستدل لهذا من القرآن الكريم بقوله تعالى آمرا
بإشهار إقامة الحدود:﴿