الثاني: صدق ظن المادح في الممدوح، لأن المدح مظهر
للحب، وقد لا يكون مضمراً له ولا معتقداً لجميع ما يقوله فيصير به مرائياً
منافقاً.
وهو ما وصف به تعالى المنافقين في قوله:﴿ إِذَا
جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ
لَكَاذِبُونَ﴾ (المنافقون:1)
فقد وصفهم الله تعالى بالكذب فيما أخبروا به، مع كون
الخبر صادقا، وذلك لأنهم لم يكونوا يعتقدون صحة ما يقولون ولا صدقه، ولهذا كذّبهم
بالنسبة إلى اعتقادهم.
وقد روي في سبب نزول قوله تعالى:﴿ وَإِذَا
لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ
قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ (البقرة:14)عن
ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات
يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله a، فقال عبد الله
بن أبي: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال: مرحبا
بالصديق سيد بني تميم، وشيخ الإسلام، وثاني رسول الله في الغار، الباذل نفسه وماله
لرسول a ثم أخذ بيد عمر فقال: مرحبا بسيد عدي بن
كعب، الفاروق القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله a، ثم
أخذ بيد علي وقال: مرحبا بابن عم رسول الله وختنه، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله a، ثم
افترقوا فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا