اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 169
صدقة السر خير من صدقة العلانية[1]، بل
ورد في الحديث الشريف:(صدقة السر تطفىء غضب الرب عزّ وجلّ)[2]
ولهذا ورد في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم
لا ظل إلا ظله:(ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)، ومنهم (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها
حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)[3]
ولهذا كان أحب العباد إلى الله المخلصون الذين يسترون
أعمالهم الصالحة كما يستر الناس معاصيهم ،قال a:(إن
أدنى الرياء شرك، وأحب العبيد إلى الله تعالى الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا
لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم)[4]
وقد ذكر الغزالي هدي الصالحين في الإسرار بمعروفهم،
فذكر من ذلك أن بعضهم كان يلقيه في يد أعمى، وبعضهم يلقيه في طريق الفقير وفي موضع
جلوسه حيث يراه ولا يرى المعطي، وبعضهم كان يصره في ثوب الفقير وهو نائم، وبعضهم
كان يوصل إلى يد الفقير على يد غيره بحيث لا يعرف المعطي، وكان يستكتم المتوسط
شأنه ويوصيه بأن لا يفشيه.
قال الغزالي معقبا على هذه الاجتهادات:(كل ذلك توصلاً
إلى إطفاء غضب الرب
[1]
ظاهر الآية أنها عامة في أن إخفاء الصدقة أفضل سواء كانت مفروضة أو مندوبة. لكن
روى ابن جرير عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: جعل اللّه صدقة السر في التطوع
تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها يقال بخمسة
وعشرين ضعفاً.
وهو معنى صحيح يشير إليه استحباب
أداء صلاة الفرائض في المساجد معلنا بها، والإسرار بالنوافل ما أمكن.
[2]
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (3/115)وقال: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن.