اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 125
تخلَّلُه السكتات بين أفراد الكلام، بل هديُه فيه
أكملُ الهدي، قالت عائشة :(ما كان رسول الله a
يَسْرُدُ سردَكم هذا، ولكن كان يتكلَّم بكلام بَيِّنٍ فَصْلٍ يحفظه من جلس إليه)،
وكان a كثيراً ما يُعيد الكلام ثلاثاً لِيُعقلَ عنه، وكان
إذا سلَّم سلَّم ثلاثاً.
وكان a طويلَ السكوت لا يتكلم في غيرِ حاجة،
يفتِتحُ الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلام، فصل لا فضول ولا تقصير،
وكان لا يتكلم فيما لا يَعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كرِه الشيء:
عُرِفَ في وجهه، ولم يكن فاحشاً، ولا متفحِّشاً، ولا صخَّاباً. وكان جُلُّ ضحكه
التبسم، بل كلُّه التبسم، فكان نهايةُ ضحكِه أن تبدوَ نواجِذُه. وكان يضحكُ مما
يُضحك منه، وهو مما يُتعجب من مثله ويُستغرب وقوعُه ويُستندر)[1]
البكاء:
وقد وصفه ابن القيم فقال:(وأمَّا بكاؤه a، فكان مِن جنس ضحكه، لم يكن بشهيقٍ ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة،
ولكن كانت تدمَعُ عيناه حتى تَهْمُلا، ويُسمع لِصدره أزيزٌ. وكان بكاؤه تارة رحمة
للميت، وتارة خوفاً على أمته وشفقة عليها، وتارة مِن خشية الله، وتارة عند سماع
القرآن، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال، مصاحبٌ للخوف والخشية.
ولما مات ابنُه إبراهيم، دمعت عيناه وبكى رحمة له،
وقال: (تَدْمَعُ العَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ، ولا نَقُولُ إلا مَا يُرْضِي
رَبَّنا، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ).
وبكى لما شاهد إحدى بناتِه وَنَفْسُها تَفِيضُ، وبكى لما قرأ عليه ابنُ
مسعود سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى:﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً﴾ (النساء:41)[2]