القول الثاني: أنه لو علم ذلك المقصد منه فإن زوجته تطلق عليه،
وهو قول المالكية، قال ابن العربي في قوله تعالى: ﴿ إِنْ أَرَادُوا
إِصْلَاحًا ﴾ (البقرة:228):(المعنى إن قصد بالرجعة إصلاح حاله معها، وإزالة
الوحشة بينهما، لا على وجه الإضرار والقطع بها عن الخلاص من ربقة النكاح، فذلك له
حلال، وإلا لم تحل له، ولما كان هذا أمرا باطنا جعل الله تعالى الثلاث علما عليه،
ولو تحققنا نحن ذلك المقصد منه لطلقنا عليه) [2]
الترجيح:
نرى أن الأرجح في المسألة هو صحة ما ذهب إليه المالكية في المسألة من جهتين:
1 ـ صراحة الدليل الوارد في ذلك سواء من القرآن الكريم أو من السنة المطهرة،
فالآية قيدت الرجعة بإرادة الإصلاح، ولا يصح حملها على مجرد الندب، وحديث عائشة،
كذلك فيه دلالة قوية على هذا، فقد أخبرت عن فعل الجاهلية، ولا يصح إجازة أفعال
الجاهلية في الإسلام، ولا بأس أن نقتبس من الأدلة على هذا ما ذكره ابن حزم في غير
هذا الموضع لتناسبه مع هذا، فقد استدل بقوله تعالى:﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا
يَشْعُرُونَ﴾(البقرة:9)، وقوله تعالى:﴿ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ
لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾(الطلاق:6)وهذا عين المضارة، وقوله a:(من عمل عملا ليس
عليه أمرنا فهو رد)، فمضارته مردودة باطل، زيادة على أن الله تعالى سمى الرجعة
إمساكا بمعروف، فقال تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ