اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 467
ذلك أن العصمة في الجاهلية تزول عند النطق به، وجرت عادتهم أن من أخبر بهذا
الخبر الكذب لا تبقى امرأته في عصمته متى التزم بجاهليتهم، وليس في حال الجاهلية
ما يأبى ذلك، بل لعبهم في أحوالهم أكثر من ذلك فقد التزموا أن الناقة إذا جاءت
بعشرة من الولد تصير سائبة، فمجاز أن يلتزموا ذهاب العصمة عند كذب خاص، ويقوي هذا
الاحتمال القرآن الكريم بقوله تعالى:﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ
أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ﴾(المجادلة:2) الآية كما
تقدم فإن التكذيب من خصائص الخبر فيكون ظهارهم خبرا كذبا التزموا عقيبه ذهاب
العصمة كسائر ملتزماتهم الباطلة، وقد عدها العلماء نحو عشرين نوعا من التحريمات
التزموها بغير سبب يقتضيها من جهة الشرائع.
2 ـ دلالة القرآن الكريم في آية الظهار على أنه خبر وليس إنشاء كالطلاق،
وتتجلى هذه الدلالة في الوجوه التالية:
الوجه الأول: قوله تعالى:﴿ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ﴾ فنفى تعالى ما
أثبتوه، ومن قال لامرأته أنت طالق لا يحسن أن يقال له ما هي مطلقة، وإنما يحسن ذلك
إذا أخبر عن تقدم طلاقها ولم يتقدم فيها طلاق فدل ذلك على أن قول المظاهر خبر لا
إنشاء.
الوجه الثاني: قوله تعالى:﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ
مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ ﴾ والإنشاء للتحريم لا يكون منكرا بدليل الطلاق،
وإنما يكون منكرا إذا جعلناه خبرا فإنه حينئذ كذب والكذب منكر.
الوجه الثالث: قوله تعالى:﴿ وَزُورًا ﴾ والزور هو
الخبر الكذب فيكون قولهم كذبا وهو المطلوب، وإذا كذبهم الله في هذه المواطن دل ذلك
على أن قولهم خبر لا إنشاء.
الوجه الرابع: قول الله تعالى بعد ذكر الكفارة ﴿ ذَلِكُمْ
تُوعَظُونَ بِهِ ﴾ والوعظ إنما يكون عن المحرمات فإذا جعلت الكفارة وعظا دل
ذلك على أنها زاجرة لا ساترة، وأنه حصل هنالك ما يقتضي الوعظ وما ذلك إلا الظهار
المحرم فيكون محرما لكونه كذبا
اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 467