اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 466
وتعقيدها وفوضاها، تحت نزوات الرجال وعنجهيتهم في المجتمع الجاهلي)[1]
ولعل السبب الذي جعل بعض الفقهاء يجنحون في مسائل الظهار إلى أحكام الطلاق
بجعلها أصلا يقاس عليه، هو اعتبارهم الظهار نوعا من أنواع الإنشاء كالطلاق، فلذلك
يحكمون له بأحكام الطلاق، قال القرافي: (مما يتوهم أنه إنشاء وليس كذلك، وهو
الظهار في قول القائل لامرأته أنت علي كظهر أمي يعتقد الفقهاء أنه إنشاء للظهار
كقوله أنت طالق إنشاء للطلاق فإن البابين في الإنشاء سواء، وليس كذلك[2]
وقد بحث القرافي الشبه التي ينطلق منها من يسوي بين الظهار والطلاق، وناقشها
مناقشة طويلة مهمة، وسنلخص هنا ما ذكره من شبه، وما أورده من رودد، فمن الشبه التي
ينطلق منها من يشبه الظهار بالطلاق:
1 ـ أن كتب المحدثين والفقهاء متظافرة على أن الظهار كان طلاقا في الجاهلية
فجعله الله تعالى في الإسلام تحريما تحله الكفارة كما تحل الرجعة تحريم الطلاق.
2 ـ أنه مندرج في حد الإنشاء فيكون إنشاء ؛ لأنه لفظ يترتب عليه التحريم
فيكون سببا له والإنشاء من خصائصه أنه سبب لمدلوله وثبوت خصيصية الشيء يقتضي ثبوته
فيكون إنشاء كالطلاق.
3 ـ أنه لفظ يستتبع أحكاما تترتب عليه من التحريم والكفارة وغيرهما فوجب أن
يكون إنشاء كالطلاق والعتاق وغير ذلك من صيغ الإنشاء فإن خروج هذا اللفظ عن باب
الإنشاء بعيد جدا لا سيما وقد نص الفقهاء على أن له صريحا وكناية كالطلاق وغيره.
أما ما يرد به على هذه الشبه، ويجلي في نفس الوقت حقيقة الظهار، فهو كما
يلي:
1 ـ أن كونه طلاقا في الجاهلية لا يقتضي أنهم كانوا ينشئون الطلاق، بل يقتضي